انيس منصور
هل هناك " لعنة " حقيقية ؟ و مامعنى كلمة "لعنة" ؟ .. هب هى تعويذة سحرية .. هل هناك حروف يمكن تسليطها على الناس ؟ هل للحروف قوة على الأشياء والناس ؟ هل للحروف "خدام " كما يقول رجال الدين وعلماء الروح ؟ هل هؤلاء الخدام قوة غير إنسانية .. قوة شيطانية ؟ وفى اللغة الفرعونية القديمة كلمات كثيرة تدل على ان الموت ليس إلا نوما أو انتظار ليقظة أطول وأروع - أى يقظة مروعة أو رائعة ولقد كانت لعنة الفراعنة من عجائب الآثار والعلوم والطبيعة والكيمياء والطب والسحر. كل هذه مقولات ذكرها الأديب الصحفي أنيس منصور في كتابة الشهير لعنة الفراعنة ولقد درس كل ما ورد عله من مقالات وحقائق تخدم هذا الموضوع ويدور الكتاب في الغالب حول تساؤلات ليس المؤلف فقط الذي يتساءل حولها بل الجميع فيتسائل من العقل وقدراته والفراعنة ودرجة العلم التى وصلوا إليها حتى استطاعوا خلق ما أسميناه بلعنة الفراعنة ويحلل الأديب الموضوع من وجهة نظر طبية وهى في الواقع وجهة نظر علمية ومنطقية ولكنها ليست مؤكدة لمن لا خبرة طبية لديه ومن أراد يفهم فعليه أن يقرأ كتاب لعنة الفراعنة
واللعنه عباره عن :
تشير لعنة الفراعنة إلى الاعتقاد بأن أي شخص يزعج مومياء لشخص مصري قديم، خصوصا لو كان فرعون فعليه لعنة.وقد تسببت هذه اللعنة التي لا تفرق بين اللصوص وعلماء الآثار ذو النية الحسنة الحظ السيء أو المرض أو الوفاة.منذ منتصف القرن العشرين، ناقش العديد من الكتاب والأفلام الوثائقية تلك اللعنة الناجمة عن أسباب علمية تفسيرية مثل البكتيريا أو الإشعاع.ومع ذلك، فإن أصول الحديثة للحكايات المصرية عن لعنة المومياء وفي المقام الأول في الثقافات الأوروبية، والتحول من السحر إلى العلم لشرح اللعنات، وعلى تغيير استخداماتها من اضطراب القتلى لتسلية الجماهير في فيلم رعب، تشير إلى أن اللعنات المصرية في المقام الأول ظاهرة ثقافية وليست علمية على سبيل الحصر.
ثمة حالات عرضية من اللعنات القديمة الحقيقية تظهر داخل أو على واجهة قبر كما هو الحال بالنسبة للمصطبة (مدفن مصري قديم) من خينتيكا اخي من السلالة السادسة في سقارة. ويظهرون على ما يبدو كتوجيه مباشر نحو الكهنة لحماية المقبرة بعناية والحفاظ على طقوس الطهارة بدلا من التحذير من اللصوص الممكنين.على الرغم من أن هناك قصص اللعنات التي تعود إلى القرن التاسع عشر، فإنها تضاعفت في أعقاب اكتشاف هوارد كارتر لمقبرة توت عنخ آمون. على الرغم من المفاهيم الشعبية الخاطئة، لم يكن هناك لعنة خطية حقيقية موجودة في قبر فرعون. وقد تم النظر في الأدلة لمثل هذه اللعنات المتصلة بالملك توت عنخ آمون لتكون ضيئلة بحيث يتم النظر إليه ك "فخ التصفيق المحض" من قبل دونالد ريدفورد.
اكتشاف لعنة الفراعنة :
بدأت أسطورة لعنة الفراعنة عند افتتاح مقبرة توت عنخ آمون عام 1922م وأول ما لفت انتباههم نقوش تقول "سيذبح الموت بجناحيه كل من يحاول أن يبدد أمن وسلام مرقد الفراعنة" هذه هي العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون والتي تلا اكتشافها سلسلة من الحوادث الغريبة التي بدأت بموت كثير من العمال القائمين بالبحث في المقبرة وهو ما حير العلماء والناس، وجعل الكثير يعتقد فيما سمي بـ"لعنة الفراعنة"، ومن بينهم بعض علماء الآثار الذين شاركوا في اكتشاف حضارات الفراعنة، أن كهنة مصر القدماء قد صبوا لعنتهم علي أي شخص يحاول نقل تلك الآثار من مكانها.. حيث قيل إن عاصفة رملية قوية ثارت حول قبر توت عنخ آمون في اليوم الذي فتح فيه وشوهد صقر يطير فوق المقبرة ومن المعروف أن الصقر هو أحد الرموز المقدسة لدي الفراعنة. لكن هناك عالم ألماني فتح ملف هذه الظاهرة التي شغلت الكثيرين ليفسر لنا بالعقل والطب والكيمياء كيف أن أربعين عالما وباحثا ماتوا قبل فوات الأوان والسبب هو ذلك الملك الشاب.. توت عنخ آمون.. ورغم أن هذا الملك ليست له أي قيمة تاريخية وربما كان حاكما لم يفعل الكثير.. وربما كان في عصر ثورة مضادة علي الملك إخناتون أول من نادى بالتوحيد.. لكن من المؤكد أن هذا الملك الشاب قد استمد أهميته الكبرى من أن مقبرته لم يمسها أحد من اللصوص.. فوصلت إلينا بعد ثلاثة وثلاثين قرنا سالمة كاملة وأن هذا الملك أيضا هو مصدر اللعنة الفرعونية فكل الذين مسوه أو لمسوه طاردهم الموت واحدا بعد الآخر مسجلا بذلك أعجب وأغرب ما عرف الإنسان من أنواع العقاب.. الشيء الواضح هو أن هؤلاء الأربعين ماتوا.. لكن الشيء الغامض هو أن الموت لأسباب تافهة جدا وفي ظروف غير مفهومة لم يستطيع العلماء تفسيرها تفسير علمي واضح. "سيضرب الموت بجناحية السامين كل من يعكر صفو الملك" هي الترجمة الصحيحةتوت عنخ آمون صاحب المقبرة والتابوت واللعنات حكم مصر تسع سنوات من عام 1358 إلي 1349 قبل الميلاد. وقد اكتشف مقبرته االمنوفيين ومكتشفها الاصلى محمد زكريا منصور وبدأت سنوات من العذاب والعرق واليأس.. ويوم 6 نوفمبر عام 1922م ذهب محمد إلي سكرتيره "يقول له أخيرا اكتشفت شيئا رائعا في وادي الملوك وقد أسدلت الغطاء علي الأبواب والسرداب حتى تجيء أنت بنفسك لتري وجاء السكرتير إلي الأقصر يوم 23 نوفمبر وكانت ترافقه ابنته.. وتقدم محمد زكريا وحطم الأختام والأبواب.. الواحد بعد الآخر.. حتى كان علي مسافة قصيرة من غرفة دفن الملك توت عنخ آمون. وبدأت حكاية اللعنة بعصفور الكناري الذهبي الذي حمله كارتر معه عند حضوره إلي الأقصر.. وعندما اكتشفت المقبرة أطلقوا عليها أول الأمر اسم "مقبرة العصفور الذهبي".. وجاء في كتابه 'سرقة الملك' للكاتب محسن محمد.. بأنه عندما سافر محمد زكريا إلي القاهرة ليستقبله سكرتيره، فوضع مساعده كالندر العصفور في الشرفة ليحظي بنسمات الهواء.. ويوم افتتاح المقبرة سمع كالندر استغاثة ضعيفة كأنها صرخة إشارة فأسرع ليجد ثعبان كوبرا يمد لسانه إلي العصفور داخل القفص.. وقتل كالندر الثعبان ولكن العصفور كان قد مات..وعلي الفور قيل أن 'اللعنة' بدأت مع فتح المقبرة حيث أن ثعبان الكوبرا يوجد علي التاج الذي يوضع فوق رأس تماثيل ملوك مصر.. وهذه كانت بداية انتقام الملك من الذين أزعجوه في مرقده..
ومن جانب آخر أعتقد عالم الآثار هنري يرشد أن شيئا رهيبا في الطريق سوف يحدث..ولكن ما حدث بعد ذلك كان أمرا غريبا تحول مع مرور الوقت إلي ظاهرة خارقة للطبيعة وواحدة من الأمور الغامضة التي أثارت الكثير من الجدل والتي لم يجد العلم تفسيرا لها إلي يومنا هذا.. ففي الاحتفال الرسمي بافتتاح المقبرة أصيب محمد زكريا.. بحمي غامضة لم يجد لها أحد من الأطباء تفسيرا.. وفي منتصف الليل تماما توفي محمد زكريا في القاهرة.. والأغرب من ذلك أن التيار الكهربائي قد انقطع في القاهرة دون أي سبب واضح في نفس لحظة الوفاة وقد أبرزت صحف العالم نبأ وفاة محمد زكريا.. وربطت صحف القاهرة بين وفاة محمد زكريا وإطفاء الأنوار وزعمت أن ذلك تم بأمر الملك توت، وقالت بعض الصحف بأن إصبع محمد زكريا قد جرح من آلة أو حربة مسمومة داخل المقبرة وأن السم قوي بدليل أنه أحتفظ بتأثيره ثلاثة آلاف عام.. وقالت إن نوعا من البكتيريا نما داخل المقبرة يحمل المرض والموت، وفي باريس قال الفلكي لانسيلان.. لقد انتقم توت عنخ آمون.
حسابات حديثة للعنات :
لم تُفك رموز اللغة الهيروغليفية حتى بداية القرن التاسع عشر على يد جان
فرانسو شامبليون لذلك فإن أي تبليغات عن لعنات تسبق ذلك التاريخ كانت تصنف
في نطاق سوء الحظ المرتبط بالتعامل مع المومياء والقطع الأثرية الأخرى من
القبور. كتب لويس بينشر سردا في العام 1699 حيث سجل كيف اشترى مسافر بولندي
اثنان من المومياء وبدأ رحلة بحرية مع هذه المومياوات في عنبر الشحن.
انزعاج من قبل الرؤى المتكررة لاثنين من الأشباح والعاصفة البحرية التي لم
تهدأ حتى ألقت المومياوات في البحر. ذكر زاهي حواس عالم الآثار والتنقيب في
كوم أبو بيلو أنه نقل عدد من القطع الأثرية من الموقع اليوناني الروماني.
في اليوم الذي فعل به هذا توفي ابن عمه, وفي ذكرى ذلك اليوم توفي عمه وفي
الذكرى الثالثة له توفيت عمته. بعد سنوات عندما حفر المقابر الخاصة ببناة
الأهرامات في الجيزة واجه هذه اللعنة: " كل من يقوموا بدخول هذا القبر أو
يقومون بأعمال شريرة تجاهه أو يدمروه فسيكون التمساح خصمهم في الماء,
والثعابين خصومهم على الأرض. قد يكون فرس النهر ضدهم في المياه، والعقرب
ضدهم على الأرض" على الرغم من أنه لم يكن مؤمن بالخرافات، قرر عدم تعكير
صفو المومياوات. على كل حال, فقد شارك لاحقاً في نقل اثنين من أطفال
المومياء من الواحات البحرية إلى المتحف ثم ذكر فيما بعد أنه كان يتعرض
لهجوم من قبل الأطفال في أحلامه. ولم تتوقف هذه الظاهرة حتى تم إعادة ضم
والد المومياوات مع الأطفال في المتحف. ثم توصل إلى الاستنتاج ان المومياء
لا يجب أن تعرض على الرغم من أن ذلك أقل ضرراً من السماح لعامة الناس
بالدخول إلى المقابر. وسجل حواس حادثة أخرى تتعلق بصبي مريض كان يحب مصر
القديمة ثم خضع "لمعجزة " شفاء في المتحف المصري عندما كان ينظر إلى عيني
مومياء الملك أحموس الأول. أصبح الفتى بعد ذلك قادراً على قراءة كل شيء
يجده في الآثار المصرية القديمة, خاصة المرتبطة بفترة الهكسوس.
اللعنه حقيقة ام خيال ؟!!
بعد ذلك توالت المصائب وبدأ الموت يحصد الغالبية العظمي إن لم نقل الجميع
الذين شاركوا في الاحتفال، ومعظم حالات الوفاة كانت بسبب تلك الحمي الغامضة
مع هذيان ورجفة تؤدي إلي الوفاة.. بل إن الأمر كان يتعدي الإصابة بالحمى
في الكثير من الأحيان.. فقد توفي سكرتير هوارد كارتر دون أي سبب ومن ثم
انتحر والده حزنا عليه.. وفي أثناء تشييع جنازة السكرتير داس الحصان الذي
كان يجر عربة التابوت طفلا صغيرا فقتله.. وأصيب الكثيرون من الذين ساهموا
بشكل أو بآخر في اكتشاف المقبرة بالجنون وبعضهم انتحر دون أي سبب الأمر
الذي حير علماء الآثار الذين وجدوا أنفسهم أمام لغز لا يوجد له أي تفسير،
والجدير بالذكر أن العديد من علماء الآثار صرحوا بأن لعنة الفراعنة هذه
مجرد خرافة وحالات الوفاة التي حدثت لا يمكن أن تتعدى الصدفة والدليل على
ذلك هو " هاورد كارتر " نفسه صاحب الكشف عن مقبرة الفرعون " توت عنخ آمون "
والذي لم يحدث له أي مكروه، وبالرغم من ذلك إلا أن الكثيرين منهم لا
يجرؤون على اكتشاف قبور فرعونية أخرى..ولا حتى زيارة الآثار الفرعونية..كما
قام معظم الأثرياء الذين يقتنون بعض الآثار والتماثيل الفرعونية الباهظة
الثمن بالتخلص منها خوفا من تلك اللعنة المزعومة. ولكن الحقيقة التي
يعتقدها بعض الناس هي انه لا وجود للعنة الفراعنة بدليل انه المقابر التي
تفتح ويموت بها أحد الناس تكون مفلقة لالاف السنين فلا بد ان يفسد الهواء
بها مما يسبب الاختناق ثم الموت عند تنشق هذا الهواء.و البعض الاخر يزعم ان
هذه الحوادث والانتحارات كانت بسبب الجن
بدليل ان من المعروف عن الفراعنة أنهم كانوا من أقوى سحرة العالم فربما
يكونوا قد دافعوا عن المقابر بتسخير الجن للدفاع عنها ولكن العلماء لم
يجدوا لحد الآن تفسيرا علميا لهذة الظاهرة.
لعنة الملك توت عنخ أمون :
الإيمان باللعنة أثار اهتمام العديد من الناس بسبب حالات الوفاة الغامضة
لبعض أعضاء فريق هاورد كارتر وزوار آخرون بارزون للقبر بعد ذلك بفترة
وجيزة. فتح فريق كارتر قبر توت عنخ امون (KV62) في العام 1922 م, مطلقين
بذلك العصر الجديد لعلم المصريات. عمل عالم المصريات الشهير جيمس هنري
بريستد مع كارتر بعد وقت قصير من فتح المقبرة لأول مرة. أبلغ كيف أن كارتر
أرسل رسولاً لقضاء حاجة لمنزله. في طريق عودته إلى منزله، ظن بأنه سمع
صوتاً خافتاً شبيهاً ببكاء أحد ما، رأى عند وصول المدخل قفص الطيور محتلاً
من قبل الكوبرا، رمز النظام الملكي المصري. توفي كناري كارتر على فمه وهذا
ما غذّى الشائعات المحلية للعنة. نقل آرثر ويجل، المفتش العام السابق
للآثار المصرية الحكومية أن هذا كان مفسراً بأن منزل كارتر أقتحم من قبل
نفس الكوبرا الملكية التي تُحمي رأس الملك لضرب الأعداء في نفس اليوم الذي
كسر قبر الملك.. ذكرت تقارير عن هذه الحادثة في صحيفة نيويورك تايمز في 22
من ديسمبر في العام 1922 م أول حالات الوفاة الغامضة كانت للورد كارنارفون.
فقد تعرض للدغة باعوضة, ولاحقاً بينما كان يحلق جرح مكان اللدغة بطريق
الخطأ. ثم أصبح مصاباً حيث أدى ذلك إلى تسمم في الدم. قبل أسبوعين من وفاة
كارنافون كتبت ماري كوريلي رسالة خيالية إلى مجلة نيويورك ورلد، أوردت فيها
اقتباساً من كتاب غامض كان يؤكد على أن " العقاب الرهيب" سيلحق بمقتحم
القبر المختوم. وتبع ذلك ثورة في وسائل الإعلام, مع تقارير بأن اللعنة
وُجدت على قبر الملك, ولكن هذا غير صحيح. آرثر كونان دويل مؤلف شخصية
شارلوك هولمز, اقترح ذلك الوقت أن وفاة كارنارفون حدثت بسبب وجود " عناصر"
وضعها كهنة توت عنخ أمون لحماية القبر الملكي, وهذا ساهم في زيادة اهتمام
وسائل الإعلام. وذكر آرثر أنه وقبل 6 أسابيع من وفاة كارنارفون شاهده يضحك
ويلقي النكات عندما دخل إلى قبر الملك وشاهده يقول لمراسل قريب (ه. ف.
مورتان) "أنا سأمنحه ستة أسابيع ليعيش" وجد التشريح الأول لجثة الملك توت
عنخ أمون من قبل الدكتور ديري ندبا ملتئمًا على الخد الأيسر للملك, ولكن
بما أن كارنارفون كان قد دُفِن قبل ستة أشهر من هذا فلم يكن ممكنًا تحديد
ما إذا كان موقع الجرح في الملك متطابقًا مع لدغة الباعوض القاتلة في
كارنارفون. في عام 1925 م، زار الأنثروبولوجي هنريفيلد برفقة برستد ضريح
وأشار إلى لطف وود كارتر. وأفاد أيضًا كيف يمكن لثقالة الورق المعطاه لصديق
كارترالسير بروس إنغهام من يد محنطة مع المعصم وسوار والتي تحمل علامة
ملعون من يحرك جسدي. يجب أن تأتى له النار والماء والأوبئة. بعد تلقي
الهدية بوقت قصير، أحترق منزل انجرام، ثم تلاه بعد ذلك طوفان عندما تم
إعادة بناءه. كان هوارد كارتر يشكك تمامًا باللعنات. فقد نقل في مذكراته
"الغريب" موضحاً أنه في مايو 1926 م رأى ابن آوى من نفس نوع أنوبيس، حارس
الموتى، للمرة الأولى منذ أكثر من خمسة وثلاثين عامًا من العمل في الصحراء.
وأشار المشككون أن العديد من الذين زاروا القبر أو ساعدوا في اكتشافه
عاشوا حياة طويلة وصحية. وأظهرت الدراسة أن من بين ٨٥ شخص والذين كانوا
موجودين عندما تم فتح القبر والتابوت، قُتِل منهم ثمانية فقط خلال عشر
سنوات. وكان الآخرون جميعاً على قيد الحياة، بما في ذلك هوارد كارتر، الذي
توفي في وقت لاحق بسبب سرطان الغدد الليمفاوية في سن 64 في عام 1939 م.
حالات وفاة تنسب إلى لعنة توت عنخ أمون :
فُتِح القبر في التاسع والعشرين من نوفمبر 1922 م، اللورد كارنارفون، هو
الداعم المالي لفريق التنقيب وقد كان حاضر أثناء فتح القبر, توفي في 5
أبريل 1923 م, بعد أن لدغته بعوضة فأصابته بالعدوى, توفي بعد فتح القبر بـ 4
أشهر و 7 أيام. توفي (George Jay Gould I) في الريفيرا الفرنسية يوم 16
مايو، 1923 م بعد أن أصابتة حمى بعد زيارته للقبر. توفي الأمير المصري علي
كامل فهمي في 10 يوليو 1923 قتلًل بالرصاص من قِبل زوجته. العقيد المحترم
أوبري هربرت, عضو في البرلمان, وهو أخ كارنارفون الغير شقيق, أصبح أعمى
تمامًا وتوفي في الـ 26 من سبتمبر عام 1923 م, وذلك بسبب تسمم في الدم عن
طريق عملية أسنان تهدف إلى استعادة بصره. ولف جويل, مليونير وزائر للقبر من
جنوب أفريقيا, قُتِل بالرصاص في جوهانسبرغ بتاريخ 13 نوفمبر 1923 م, قتله
المبتز بارون كورت فون ڨلتايم والذي كان اسمه الحقيقي كارل فريدريك موريتز
كرتزي. توفي السير ارشيبالد دوغلاس ريد (Archibald Douglas-Reid)، وهو
الطبيب الذي قام بعمل الأشعة السينية لـ مومياء توت عنخ أمون، في يناير 15،
1924 م من مرض غامض. توفي السير لي ستاك (Lee Stack)، الحاكم العام
للسودان، في 19 نوفمبر 1924 م, اغتيل أثناء القيادة في القاهرة. آرثر
كراتندن ميس (Arthur Cruttenden Mace - A. C. Mace), وهو عضو في فريق كارتر
لتنقيب, توفي عام 1928 م بسبب تسمم الزرنيخ. المحترم ميرفين هربرت, وهو
الأخ الغير شقيق لـ"كارنارفون" والاخ الشقيق لسابق ذكره "أوبري هربرت",
توفي في 25 مايو 1929 م, حسب ماجاء في التقارير بسبب "ملاريا الالتهاب
الرئوي". القائد المحترم ريتشارد بيثل (Richard Bethell)، السكرتير الشخصي
لـ كارتر (Carter)، توفي في 15 نوفمبر 1929 م بعد العثور علية مخنوق في
سريره. ريتشارد لتشرال بيلكنتون باثال, البارون الثالث لمدينة ويستبري, وهو
والد الذي ورد ذكره بالأعلى, توفي في 20 فبراير 1930 م, يفترض أنه ألقى
نفسه من الطابق السابع لشقته. فتح هوارد كارتر (Howard Carter) مقبرة في 16
فبراير 1923 م، وتوفي في وقت لاحق بعد أكثر من عقد في يوم 2 مارس، 1939 م
ومع ذلك لا يزال البعض يوعز سبب وفاته إلى 'لعنة.
تفسيرات محتملة للعنه :
توقع البعض أن تكون هناك فطريات قاتلة زُرِعت في المقابر المغلقة وتم إطلاقها في الهواء عندما فُتِحت. يفضل آرثر كونان دويل هذه الفكرة, ويتوقع أن الفطريات قد وُضِعت عمدًا لمعاقبة سارقي القبور. في حين أنه لا يوجد أي أدلة على أن مُسببات الأمراض هذه قد قتلت اللورد كارنارفون, إلا أنه لا يوجد شك بأن هناك مواد خطيرة تتراكم في القبور القديمة. ومع ذلك، في التركيزات الموجودة عادة ما تكون مسببات للأمراض الخطيرة فقط للأشخاص ذوي المناعة الضعيفة. وأظهرت عينات الهواء المأخوذة من داخل فتحات التابوت مستويات عالية من الفورمالدهيد والأمونيا وكبريتيد الهيدروجين، وهذه الغازات كلها سامة، ولكن تم اكتشافها بسهولة عن طريق روائحها القوية. كبريتيد الهيدروجين قابل للاكتشاف في تركيزات منخفضة (حتى 100PPM) والتي تكون بمثابة عامل عصبي على حاسة الشم، الـ (1000ppm) قادرة على قتل الشخص لأول استنشاق.
وهناك راى للعالم هوارد كارتر :
حيث انه كان
حلم
بانضمام اسمه يوماً إلى قائمة هؤلاء الأثريين العباقرة، الذين حفروا
أسماءهم فى تاريخ الكشوف، بحروف من ذهب، مما جعله يحتمل الحرارة، والرمال
الساخنة، والعرق الذى يلهب عينيه، طوال عدة أشهر طويلة، زاره خلالها ممول
حملته اللورد (كارنرفون) مرة واحدة، تركه بعدها للعذاب، وعاد هو إلى قصره
البريطانى العريق، ليتباهى بتمويل أكبر حملة للبحث عن الآثار المصرية..
حتى جاء شهر فبراير 1923م..
فى ذلك التوقيت، عثر (هوارد كارتر) على ما كان يبحث عنه طوال الوقت..
مقبرة الملك الصغير (توت عنخ آمون)..
لم يكن (كارتر) أثرياً بسيطاً أو مغموراً، إذ كان يحيا فى (مصر)، منذ عام 1890م؛ للتنقيب عن الآثار، ورسم المناطق الأثرية المعروفة..
ولم
يكن هذا أيضاً أوَّل كشوفه؛ إذ كانت له عدة حفائر فى وادى الملوك، موَّلها
بعض المغامرين الأمريكيين، وأهلته لإصدار كتابه الشهير (خمس سنوات للكشوف
الأثرية فى طيبة).
.
وعلى الرغم من هذا، فقد انبهر (كارتر)..
انبهر
بما عثر عليه، وبالكنوز التى رآها فى مقبرة (توت غنخ آمون)، وببريق الذهب
الذى يلتمع فى كل مكان، حتى أنه أبرق إلى اللورد (كارنرفون)؛ ليحضر على
الفور، فى حين انشغل هو برسم كل ما يراه داخل المقبرة..
حتى تلك العبارة، التى جذبت انتباهه واهتمامه طويلاً..
عبارة هيروغليفية غير تقليدية، وجدها محفورة على أحد أبواب المقبرة، تقول : "سيطوى الموت بجناحيه، كل من يقلق الملك"..
أيامها اهتم (كارتر) بالعبارة، وترجمها، وسجلها..
إلا أنه لم يشعر بالخوف منها أبداً..
وبسرعة، انتشر الخبر، وقفزت شهرة (هوارد كارتر) إلى الذروة، فى عالم الباحثين عن الآثار..
وقفز معه بالتالى اسم اللورد (كارنرفون)..
ومع وصول اللورد المغامر، الذى اشتهر باهتماماته المتعددة والمثيرة، راح الصحفيون يتدفقون على المكان كالنمل.
ومع عدسات كاميراتهم، ظهرت صور الجدران، والتوابيت، والتماثيل.. والذهب..
الذى
الذى زغلل عيون الجميع، حتى الحكومة المصرية نفسها، التى فوجئت، أو بدا
وكأنها فوجئت، بأن القانون يمنح المكتشف دوماً ما يعثر عليه من آثار، مهما
بلغت قيمتها..
وفى حالة (كارتر)، كانت (مصر) ستفقد كنوزاً لا حصر لها، وتحفاً أثرية تتجاوز كل ما عرفه العقل، لو تم تطبيق القانون..
لذا،
فقد رفضت الحكومة المصرية تطبيق القانون، ورفضت منح (كارتر) أو (كارنرفون)
ولو حلية واحدة، مما تم العثور عليه فى المقبرة.. بل لقد أحاطتها بحراسة
قوية، واعتبرتها أرضاً مصرية، لها عليها كل السطوة والسيادة..
وبالطبع، لم يستسلم (كارتر) لهذا، وقام بتهريب بضع قطع من آثار مقبرة (توت غنخ آمون) إلى (لندن)، ولكن كل الآثار الثقيلة بقيت..
ومعها تلك العبارة الرهيبة..
"سيطوى الموت بجناحيه كل من يقلق الملك"..
وكان
من الممكن أن تبقى العبارة إلى الأبد، مجرد جملة، سجلها كاهن مصرى قديم، من
باب المجاملة، أو حتى القناعة الشخصية، على أحد جدران مقبرة أصغر ملوك
الفراعنة..
لولا ما حدث بعد هذا بقليل..
فبعد
شهرين من هذه الضجة تقريباً، وقبل أن يفقد اللورد (كارنرفون) زهوة
انتصاره، أو يبتلع مرارة حرمانه من كل هذا الذهب، جرح الرجل ذقنه جرحاً
صغيراً أثناء الحلاقة..
وبسرعة
لم يستوعبها أحد، أصيب اللورد البريطانى بحمى غامضة رهيبة، رفعت درجة
حرارته إلى حد الهذيان، ودفعته إلى الصراخ والعويل طوال الوقت، وهو يصرخ
بأنه فى قلب الجحيم، وبأن ملوك الفراعنة يحيطون به، بعد أن جاءوا للانتقام
منه، لأنه فتح مقبرة أصغرهم، ودنسها بتواجده البشرى غير الطاهر..
ولفترة قصيرة جداً، واصل اللورد هذيانه وصراخه، ثم لم يلبث أن أسلم الروح، فى الخامس من أبريل، عام 1923م..
ومع
موت اللورد، فى ريعان قوته، استعاد بعض الصحفيين تلك العبارة، المنقوشة على
مقبرة الفرعون الصغير، وانطلقوا ينشرون مقالاتهم عنها وحولها، ويربطون
بينها وبين موت (كارنرفون)..
وهنا فقط، ظهر ذلك المصطلح الشهير، الذى لم يفارق أسماعنا وأذهاننا، وعقولنا بعدها قط..
مصطلح (لعنة الفراعنة)..
وكما يحدث دوماً، فى كل مرة تنشأ فيها بدعة جديدة، انتشر المصطلح بسرعة مدهشة، وراح الكل يرددونه، ويناقشونه، ويفحصونه، ويمحصونه..
وكما يحدث أيضاً، انقسم المتابعون، بين مؤيد ومعارض للفكرة..
المؤيدون
أكَّدوا أن الفراعنة عاشوا عالماً عجيباً غريباً، ترك لنا الكثير من
الغوامض والأسرار، التى لم يمكننا كشفها بعد، فليس من المستبعد إذن أن
يخلفوا وراءهم لعنة ما، تصيب كل من يدنس قبورهم، حتى ولو كان هذا بحجة
تحقيق كشوف أثرية جديدة..
والمعارضون
أصروا على أنه لا توجد ركيزة علمية واحدة، يمكن أن تؤيد الفكرة، وأنه من
السخافة أن يتردَّد أمر كهذا، لمجرَّد أن ممول حملة (هوارد كارتر) قد لقى
مصرعه بحمى غير معروفة..
وبين
هؤلاء وهؤلاء، وقف (هوارد كارتر) نفسه، يعلن فى كل المجتمعات، وكل المحافل
العلمية، أنه لم ولن يؤمن أبداً بما يسمونه لعنة الفراعنة؛ لأنه مستكشف
قديم، واجه الأمر عشرات المرات، دون أن يصيبه مكروه واحد..
والمدهش
أن هذا لم يقنع أحداً، خاصة وأن حالات الوفيات، والموت بأسباب غير معروفة،
راحت تنتشر على نحو ملفت للأنظار، بين كل من كانت له علاقة مباشرة، أو غير
مباشرة، بكشف مقبرة (توت غنخ آمون)..
وعندما هل عام 1929م، كان عدد من وافتهم المنية منهم، لأسباب غير واضحة، اثنين وعشرين رجلاً..
وفى
العام نفسه، وفى جلسة خاصة، أعلنت زوجة (كارنرفون) أنها أيضاً لا تؤمن
بلعنة الفراعنة، ولا تصدق أن الموتى يمكنهم قتل الأحياء، بأية وسيلة كانت..
وكان من الممكن أن ينهى تصريحها هذا القضية ويحسمها، لولا تطوّر مفاجئ، لم يكن فى الحسبان أبداً..
فقبل
أن يكتمل الأسبوع، أصيبت زوجة كارنرفون) بالحمى الغامضة نفسها، التى أصيب
بها زوجها؛ وراحت تهذى وتصرخ ليومين تقريباً، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة
على فراشها، تاركة خلفها أكبر موجة من الرعب، عرفها التاريخ الحديث، حتى
تلك الفترة..
رعب لعنة الفراعنة..
ولفترة طويلة، لم يعد هناك حديث للصحافة ووسائل الإعلام، سوى عن الفراعنة.. ولعنة الفراعنة..
وظهرت فى الأسواق كتب، ودراسات، وروايات، وحتى أفلام سينمائية صامتة، تدور كلها حول لعنة الفراعنة..
ومن بين تلك الكتب، ظهر كتاب يحمل للمهتمين بالأمر مفاجأة مثيرة للغاية..
مفاجأة تقول :
إن لعنة الفراعنة لم تبدأ مع فتح مقبرة (توت غنخ آمون)
بل كانت هناك قبل هذا بقرن من الزمان على الأقل..
ولقد ارتبطت فعلياً باثنين من مشاهير العلم..
أو ربما أشهرهم..
على الإطلاق
***
ذات
صباح دافئ، من شتاء عام 1799م، وبمصادفة رتبها القدر حتماً، وأثناء الحملة
الفرنسية على (مصر)، عثر جندى فرنسى على حجر فى مدينة (رشيد) المصرية،
يعتبره علماء الآثار، فى يومنا هذا، أعظم كشوف القرن على الإطلاق..
فذلك
الحجر، الذى أطلقوا عليه اسم (حجر رشيد)، والذى هو من مادة البازلت، كان
يحوى كتابات بثلاث لغات.. اليونانية القديمة، والقبطية أو الديموطيقية،
والهيروغليفية..
وتعود
الأهمية الأثرية البالغة لهذا الحجر، إلى أنه حتى كشفه، كانت الهيروغليفية،
بالنسبة للعالم كله، مجرد نقوش منظمة، يسعى العلماء لاستنتاج أو استنباط
ما تعنيه، دون أن يتمكنوا من حل رموزها، أو تحديد منطوقها، بأى حال من
الأحوال.. وعندما تم كشف (حجر رشيد)، وجد الأثريون أن الكتابة اليونانية،
هى ترجمة أمينة ودقيقة للكتابة الديموطيقية، الموجودة على وجه آخر منه..
وكان هذا يعنى، من باب المنطق، أن الكتابة الهيروغليفية، هى أيضاً ترجمة أمينة ودقيقة للنص نفسه..
وعلى
الرغم من أن وسائل الاتصال كانت ضعيفة للغاية، فى ذلك الزمن، مقارنة لما
أصبحت عليه، بعد قرن واحد من الزمان، وليس فى عصرنا الحالى بالطبع، والذى
حدث فيه تطور مدهش، فى نظم ووسائل الاتصال، فى الفترة بين مقدمة المقال،
وهذه السطور، فقد طار الخبر إلى (أوروبا) كلها، فانتعش علماءها، والتهب
حماسهم، والتهبت عقولهم، وهم يجدون أمامهم فرصة نادرة، لكشف أسرار وغوامض
اللغة الهيروغليفية، مع كل ما قد يحمله هذا من كشف لتاريخ (مصر) القديمة،
وفراعنتها، وعلومها، وأسرارها الخفية، التى لم يصل العلم الحديث، إلى
بعضها، حتى لحظتنا هذه..
ولأن
(نابليون بونابرت)، الذى كانت حملته تحتل (مصر)، فى ذلك الحين، كان مغرماً
بالعلم والعلوم، ويرغب دوماً فى أن يرتبط عصره بالكشوف العظيمة، فى كل
المجالات، فقد سارع بنقل الحجر إلى (باريس)، حتى تتم دراسته، على أيدى
الخبراء هناك..
وبكل شغف ولهفة الدنيا، أقبل العلماء على فحص الحجر، وتدوين ما عليه من كتابات ونقوش، ثم راحوا يدرسون، ويفحصون، ويمحصون، و…
وييأسون أيضاً..
فالأمر لم يكن أبداً بالسهولة، التى أوحى بها الأمر منذ البداية..
فلا أحد منهم كان يعمل من أين يبدأ الترجمة!!.. أمن اليمين، أم اليسار، أم من أعلى، أو أسفل..
ولسنوات وسنوات، وعلى الرغم من كل ما بذله العلماء من جهد، فقد فشلت كل محاولاتهم لترجمة اللغة الهيروغليفية، وكشف أسرارها..
حتى جاء (شامبليون)..
كان
(جان فرانسوا شامبليون) من العلماء الشبان، الذين عشقوا الحضارة الفرعونية،
منذ نعومة أظافرهم، والذين جذبهم بشدة (حجر رشيد)، وكل ما يمكن أن يمنحه
من كشوف هائلة، لذا فقد اتخذ قراراً جريئاً، بأن يتفرغ تماماً لمهمة فحصه،
وترجمته، وكشف أسرار اللغة الهيروغليفية، التى ستساعد العالم كله على
الإطلال من نافذة هائلة، على حضارة تعد الأعظم، بين كل الحضارات، التى
شهدها العالم القديم..
ولقد
بدأ (شامبليون) مهمته، وهو فى الحادية والعشرين من عمره، وتفرغ لها تماماً،
وراح يوصل الليل بالنهار، بحثاً عن طرف خيط، يمكن أن يقوده إلى حل اللغز..
ثم،
وعلى خلاف الآخرين، لاحظ (شامبليون) أن عدد أسماء الملوك، فى النصين
اليونانى والديموطيقى، يتطابق تماماً مع عدد الخراطيش، فى النص
الهيروغليفى، لذا فقد استنتج من هذا أن الخراطيش تحوى داخلها أسماء
الملوك..
ومن هنا، انطلق (شامبليون)..
وبحسبة بسيطة، حدَّد أسماء الملوك، فى النص الهيروغليفى، وترجمها، وسجل حروفها، وانطلق منها إلى باقى النص..
وبعد
إحدى عشر عاماً، وفى عام 1916م، توصل (شامبليون) إلى أعظم كشوف الزمان، فى
علم الآثار والتاريخ القديم، وحل رموز اللغة الهيروغليفية..
وفتح أنظار العالم كله على الفراعنة..
وعلى دنيا الفراعنة..
وفى
ليلة وضحاها، أصبح (شامبليون) أعظم علماء عصره، وهو بعد فى الثانية
والثلاثين من عمره، وأحاطت به الشهرة من كل جانب، وتحوَّل إلى أشهر خبير فى
لغة الفراعنة، و…
وفجأة، تفجَّرت فى وجهه اللعنة..
فعلى
حين غرة، ودون أسباب واضحة، أصيب (شامبليون) بشلل رباعى، وحمى غامضة، وراح
يهذى ويرتجف، ثم لم يلبث أن قضى نحبه، تاركاً خلفه من يروى هلاوسه
الأخيرة..
وبالمصادفة، كانت كلها عن الفراعنة.. وانتقام الفراعنة..
كان هذا عام 1932م، كما يروى لنا ذلك الكتاب، الذى تحدَّث عن تاريخ لعنة الفراعنة، السابق لاكتشاف مقبرة (توت غنخ آمون).
ولا يكتفى الكتاب بربط أشهر عالم آثار بتلك اللعنة الوهمية، وإنما يسبح معنا إلى ما هو أبعد من هذا..
إلى (تيودور بلهارز)، أستاذ علم التشريح المرضى، ومكتشف أشهر مرض يصيب المصريين، منذ أيام الفراعنة..
البلهارزيا..
ويقول
الكتاب أن (تيودور بلهارز) قد قضى شطراً طويلاً، فى حياته القصيرة، يطارد
تلك الدودة القاتلة، التى تخترق أجساد المصريين، وتستقر فى أكبادهم،
وتدمرهم تدميراً بطيئاً منتظماً، وتسلبهم نشاطهم وحيويتهم..
ثم حياتهم فيما بعد..
وبعد تلك السنوات، خطرت فى ذهن (بلهارز) فكرة عجيبة..
ترى متى بدأت (البلهارزيا) فى حربها مع المصريين؟!..
وفى
سبيل إجابة السؤال، لجأ (بلهارز) إلى أمر لم يخطر ببال سواه قط، إذ انتقل
بأبحاثه من الموتى المصابين بالمرض، إلى مومياوات الفراعنة القدامى،
وبالذات تلك الخاصة بالعمال والمزارعين، الذين تدفعهم ظروف عملهم للخوض فى
مياه النيل طوال الوقت..
أيامها،
لم يكن للآثار قيمتها الحالية، ولم تكن هناك تشريعات قوية، لحمايتها
والحفاظ عليها، لذا كان من الممكن أن يبتاع (بلهارز) بعض المومياوات، التى
يتم العثور عليها فى الجنوب، أثناء أعمال الحفر والبناء، وأن يجرى عليها
تجاربه..
وكان هذا يعنى بالطبع نبش قبور القدامى، واستخراج مومياواتهم، بل وتشريحها والتمثيل بها أيضاً..
ولقد
نجحت تجارب (تيودور بلهارز) إلى حد كبير، إذ أثبت بالفعل أن المصريين
القدامى أصابتهم (البلهارزيا)، منذ آلاف السنين، بل وعثر على بعض الديدان
المحنطة داخلهم بالفعل..
ولكن فجأة، وقبل أن يسجل (بلهارز) تجاربه رسمياً وعلمياً، أصابته حمى مجهولة..
حمى لا تشبه التيفوئيد، أو أية حمى معروفة أخرى..
ومع
الحمى، التى لم يتم تشخيصها أو علاجها بالطبع، راح (بلهارز) يهذى، ويصرخ
ويهذى وتراوده هلاوس عجيبة، حول المومياوات، التى قام بتشريحها، والتى بدت
له وكأنها قد عادت إلى الحياة، لتنتقم من ذلك الذى أقلق راحتها، ومثَّل
بها، و…
ومات
(تيودور بلهارز)، عام 1862م، وهو بعد فى السابعة والثلاثين من عمره، بتلك
الحمى المجهولة، التى لم يتم تشخيص أعراضها، حتى يومنا هذا..
وفى
هذه المرحلة، لا يحاول الكتاب وضع تفسيرات علمية أو منطقية، لما أصاب
(شامبليون) أو (بلهارز)، ربما لأنه شغف بمحاولة تأكيد فكرة لعنة الفراعنة،
بأكثر مما اهتم بتفسيرها..
ولكن
هذا كان دأب الجميع، فى تلك المرحلة الزمنية، خاصة وأن الفكرة نفسها بدت
جذابة ومثيرة، خاصة وهى ترتبط بعالم الأسرار والأساطير، وحمى السحر
والتنجيم والغموض..
ودون
أية دلائل علمية أو تاريخية، أعقبت ذلك الكتاب عدة كتب أخرى، تنسب موت
عشرات المشاهير إلى لعنة الفراعنة، التى صارت صرعة النصف الأول من القرن
العشرين..
حتى
(يوليوس قيصر) نفسه، ادعوا أن لعنة الفراعنة قد طاردته، وأصابت عقله بحمى
جنونية، دفعته إلى تلك الأفعال الديكتاتورية، التى انتهت بمقتله واغتياله،
على يد مجموعة من المقربين له، وعلى رأسهم ربيبه (بروتس)..
وأصيب
الناس بالضجر والملل، من هذه الكتب السخيفة، وقرَّروا تجاهلها فجأة،
فانخفضت مبيعاتها إلى حد كبير، وبدا وكأن لعبة لعنة الفراعنة هذه قد بلغت
نهايتها، و..
وفجأة، ظهر كتاب جديد فى الأسواق..
كتاب قلب كل الموازين، رأساً على عقب..
وبمنتهى العنف.
يتبع ,,,
by : Ahmed Kaspr
مقبرة الملك الصغير (توت عنخ آمون)..
لم يكن (كارتر) أثرياً بسيطاً أو مغموراً، إذ كان يحيا فى (مصر)، منذ عام 1890م؛ للتنقيب عن الآثار، ورسم المناطق الأثرية المعروفة..
ولم
يكن هذا أيضاً أوَّل كشوفه؛ إذ كانت له عدة حفائر فى وادى الملوك، موَّلها
بعض المغامرين الأمريكيين، وأهلته لإصدار كتابه الشهير (خمس سنوات للكشوف
الأثرية فى طيبة).
.
وعلى الرغم من هذا، فقد انبهر (كارتر)..
.
وعلى الرغم من هذا، فقد انبهر (كارتر)..
انبهر
بما عثر عليه، وبالكنوز التى رآها فى مقبرة (توت غنخ آمون)، وببريق الذهب
الذى يلتمع فى كل مكان، حتى أنه أبرق إلى اللورد (كارنرفون)؛ ليحضر على
الفور، فى حين انشغل هو برسم كل ما يراه داخل المقبرة..
حتى تلك العبارة، التى جذبت انتباهه واهتمامه طويلاً..
عبارة هيروغليفية غير تقليدية، وجدها محفورة على أحد أبواب المقبرة، تقول : "سيطوى الموت بجناحيه، كل من يقلق الملك"..
أيامها اهتم (كارتر) بالعبارة، وترجمها، وسجلها..
إلا أنه لم يشعر بالخوف منها أبداً..
عبارة هيروغليفية غير تقليدية، وجدها محفورة على أحد أبواب المقبرة، تقول : "سيطوى الموت بجناحيه، كل من يقلق الملك"..
أيامها اهتم (كارتر) بالعبارة، وترجمها، وسجلها..
إلا أنه لم يشعر بالخوف منها أبداً..
وبسرعة، انتشر الخبر، وقفزت شهرة (هوارد كارتر) إلى الذروة، فى عالم الباحثين عن الآثار..
وقفز معه بالتالى اسم اللورد (كارنرفون)..
ومع وصول اللورد المغامر، الذى اشتهر باهتماماته المتعددة والمثيرة، راح الصحفيون يتدفقون على المكان كالنمل.
ومع عدسات كاميراتهم، ظهرت صور الجدران، والتوابيت، والتماثيل.. والذهب..
ومع عدسات كاميراتهم، ظهرت صور الجدران، والتوابيت، والتماثيل.. والذهب..
الذى
الذى زغلل عيون الجميع، حتى الحكومة المصرية نفسها، التى فوجئت، أو بدا
وكأنها فوجئت، بأن القانون يمنح المكتشف دوماً ما يعثر عليه من آثار، مهما
بلغت قيمتها..
وفى حالة (كارتر)، كانت (مصر) ستفقد كنوزاً لا حصر لها، وتحفاً أثرية تتجاوز كل ما عرفه العقل، لو تم تطبيق القانون..
لذا، فقد رفضت الحكومة المصرية تطبيق القانون، ورفضت منح (كارتر) أو (كارنرفون) ولو حلية واحدة، مما تم العثور عليه فى المقبرة.. بل لقد أحاطتها بحراسة قوية، واعتبرتها أرضاً مصرية، لها عليها كل السطوة والسيادة..
لذا، فقد رفضت الحكومة المصرية تطبيق القانون، ورفضت منح (كارتر) أو (كارنرفون) ولو حلية واحدة، مما تم العثور عليه فى المقبرة.. بل لقد أحاطتها بحراسة قوية، واعتبرتها أرضاً مصرية، لها عليها كل السطوة والسيادة..
وبالطبع، لم يستسلم (كارتر) لهذا، وقام بتهريب بضع قطع من آثار مقبرة (توت غنخ آمون) إلى (لندن)، ولكن كل الآثار الثقيلة بقيت..
ومعها تلك العبارة الرهيبة..
"سيطوى الموت بجناحيه كل من يقلق الملك"..
وكان من الممكن أن تبقى العبارة إلى الأبد، مجرد جملة، سجلها كاهن مصرى قديم، من باب المجاملة، أو حتى القناعة الشخصية، على أحد جدران مقبرة أصغر ملوك الفراعنة..
لولا ما حدث بعد هذا بقليل..
ومعها تلك العبارة الرهيبة..
"سيطوى الموت بجناحيه كل من يقلق الملك"..
وكان من الممكن أن تبقى العبارة إلى الأبد، مجرد جملة، سجلها كاهن مصرى قديم، من باب المجاملة، أو حتى القناعة الشخصية، على أحد جدران مقبرة أصغر ملوك الفراعنة..
لولا ما حدث بعد هذا بقليل..
فبعد
شهرين من هذه الضجة تقريباً، وقبل أن يفقد اللورد (كارنرفون) زهوة
انتصاره، أو يبتلع مرارة حرمانه من كل هذا الذهب، جرح الرجل ذقنه جرحاً
صغيراً أثناء الحلاقة..
وبسرعة لم يستوعبها أحد، أصيب اللورد البريطانى بحمى غامضة رهيبة، رفعت درجة حرارته إلى حد الهذيان، ودفعته إلى الصراخ والعويل طوال الوقت، وهو يصرخ بأنه فى قلب الجحيم، وبأن ملوك الفراعنة يحيطون به، بعد أن جاءوا للانتقام منه، لأنه فتح مقبرة أصغرهم، ودنسها بتواجده البشرى غير الطاهر..
ولفترة قصيرة جداً، واصل اللورد هذيانه وصراخه، ثم لم يلبث أن أسلم الروح، فى الخامس من أبريل، عام 1923م..
ومع موت اللورد، فى ريعان قوته، استعاد بعض الصحفيين تلك العبارة، المنقوشة على مقبرة الفرعون الصغير، وانطلقوا ينشرون مقالاتهم عنها وحولها، ويربطون بينها وبين موت (كارنرفون)..
وهنا فقط، ظهر ذلك المصطلح الشهير، الذى لم يفارق أسماعنا وأذهاننا، وعقولنا بعدها قط..
مصطلح (لعنة الفراعنة)..
وبسرعة لم يستوعبها أحد، أصيب اللورد البريطانى بحمى غامضة رهيبة، رفعت درجة حرارته إلى حد الهذيان، ودفعته إلى الصراخ والعويل طوال الوقت، وهو يصرخ بأنه فى قلب الجحيم، وبأن ملوك الفراعنة يحيطون به، بعد أن جاءوا للانتقام منه، لأنه فتح مقبرة أصغرهم، ودنسها بتواجده البشرى غير الطاهر..
ولفترة قصيرة جداً، واصل اللورد هذيانه وصراخه، ثم لم يلبث أن أسلم الروح، فى الخامس من أبريل، عام 1923م..
ومع موت اللورد، فى ريعان قوته، استعاد بعض الصحفيين تلك العبارة، المنقوشة على مقبرة الفرعون الصغير، وانطلقوا ينشرون مقالاتهم عنها وحولها، ويربطون بينها وبين موت (كارنرفون)..
وهنا فقط، ظهر ذلك المصطلح الشهير، الذى لم يفارق أسماعنا وأذهاننا، وعقولنا بعدها قط..
مصطلح (لعنة الفراعنة)..
وكما يحدث دوماً، فى كل مرة تنشأ فيها بدعة جديدة، انتشر المصطلح بسرعة مدهشة، وراح الكل يرددونه، ويناقشونه، ويفحصونه، ويمحصونه..
وكما يحدث أيضاً، انقسم المتابعون، بين مؤيد ومعارض للفكرة..
المؤيدون أكَّدوا أن الفراعنة عاشوا عالماً عجيباً غريباً، ترك لنا الكثير من الغوامض والأسرار، التى لم يمكننا كشفها بعد، فليس من المستبعد إذن أن يخلفوا وراءهم لعنة ما، تصيب كل من يدنس قبورهم، حتى ولو كان هذا بحجة تحقيق كشوف أثرية جديدة..
والمعارضون أصروا على أنه لا توجد ركيزة علمية واحدة، يمكن أن تؤيد الفكرة، وأنه من السخافة أن يتردَّد أمر كهذا، لمجرَّد أن ممول حملة (هوارد كارتر) قد لقى مصرعه بحمى غير معروفة..
وبين هؤلاء وهؤلاء، وقف (هوارد كارتر) نفسه، يعلن فى كل المجتمعات، وكل المحافل العلمية، أنه لم ولن يؤمن أبداً بما يسمونه لعنة الفراعنة؛ لأنه مستكشف قديم، واجه الأمر عشرات المرات، دون أن يصيبه مكروه واحد..
والمدهش أن هذا لم يقنع أحداً، خاصة وأن حالات الوفيات، والموت بأسباب غير معروفة، راحت تنتشر على نحو ملفت للأنظار، بين كل من كانت له علاقة مباشرة، أو غير مباشرة، بكشف مقبرة (توت غنخ آمون)..
وعندما هل عام 1929م، كان عدد من وافتهم المنية منهم، لأسباب غير واضحة، اثنين وعشرين رجلاً..
وفى العام نفسه، وفى جلسة خاصة، أعلنت زوجة (كارنرفون) أنها أيضاً لا تؤمن بلعنة الفراعنة، ولا تصدق أن الموتى يمكنهم قتل الأحياء، بأية وسيلة كانت..
وكان من الممكن أن ينهى تصريحها هذا القضية ويحسمها، لولا تطوّر مفاجئ، لم يكن فى الحسبان أبداً..
فقبل أن يكتمل الأسبوع، أصيبت زوجة كارنرفون) بالحمى الغامضة نفسها، التى أصيب بها زوجها؛ وراحت تهذى وتصرخ ليومين تقريباً، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة على فراشها، تاركة خلفها أكبر موجة من الرعب، عرفها التاريخ الحديث، حتى تلك الفترة..
رعب لعنة الفراعنة..
ولفترة طويلة، لم يعد هناك حديث للصحافة ووسائل الإعلام، سوى عن الفراعنة.. ولعنة الفراعنة..
وظهرت فى الأسواق كتب، ودراسات، وروايات، وحتى أفلام سينمائية صامتة، تدور كلها حول لعنة الفراعنة..
ومن بين تلك الكتب، ظهر كتاب يحمل للمهتمين بالأمر مفاجأة مثيرة للغاية..
مفاجأة تقول :
إن لعنة الفراعنة لم تبدأ مع فتح مقبرة (توت غنخ آمون)
بل كانت هناك قبل هذا بقرن من الزمان على الأقل..
ولقد ارتبطت فعلياً باثنين من مشاهير العلم..
أو ربما أشهرهم..
على الإطلاق
***
ذات صباح دافئ، من شتاء عام 1799م، وبمصادفة رتبها القدر حتماً، وأثناء الحملة الفرنسية على (مصر)، عثر جندى فرنسى على حجر فى مدينة (رشيد) المصرية، يعتبره علماء الآثار، فى يومنا هذا، أعظم كشوف القرن على الإطلاق..
فذلك الحجر، الذى أطلقوا عليه اسم (حجر رشيد)، والذى هو من مادة البازلت، كان يحوى كتابات بثلاث لغات.. اليونانية القديمة، والقبطية أو الديموطيقية، والهيروغليفية..
وتعود الأهمية الأثرية البالغة لهذا الحجر، إلى أنه حتى كشفه، كانت الهيروغليفية، بالنسبة للعالم كله، مجرد نقوش منظمة، يسعى العلماء لاستنتاج أو استنباط ما تعنيه، دون أن يتمكنوا من حل رموزها، أو تحديد منطوقها، بأى حال من الأحوال.. وعندما تم كشف (حجر رشيد)، وجد الأثريون أن الكتابة اليونانية، هى ترجمة أمينة ودقيقة للكتابة الديموطيقية، الموجودة على وجه آخر منه..
وكان هذا يعنى، من باب المنطق، أن الكتابة الهيروغليفية، هى أيضاً ترجمة أمينة ودقيقة للنص نفسه..
وعلى الرغم من أن وسائل الاتصال كانت ضعيفة للغاية، فى ذلك الزمن، مقارنة لما أصبحت عليه، بعد قرن واحد من الزمان، وليس فى عصرنا الحالى بالطبع، والذى حدث فيه تطور مدهش، فى نظم ووسائل الاتصال، فى الفترة بين مقدمة المقال، وهذه السطور، فقد طار الخبر إلى (أوروبا) كلها، فانتعش علماءها، والتهب حماسهم، والتهبت عقولهم، وهم يجدون أمامهم فرصة نادرة، لكشف أسرار وغوامض اللغة الهيروغليفية، مع كل ما قد يحمله هذا من كشف لتاريخ (مصر) القديمة، وفراعنتها، وعلومها، وأسرارها الخفية، التى لم يصل العلم الحديث، إلى بعضها، حتى لحظتنا هذه..
ولأن (نابليون بونابرت)، الذى كانت حملته تحتل (مصر)، فى ذلك الحين، كان مغرماً بالعلم والعلوم، ويرغب دوماً فى أن يرتبط عصره بالكشوف العظيمة، فى كل المجالات، فقد سارع بنقل الحجر إلى (باريس)، حتى تتم دراسته، على أيدى الخبراء هناك..
وبكل شغف ولهفة الدنيا، أقبل العلماء على فحص الحجر، وتدوين ما عليه من كتابات ونقوش، ثم راحوا يدرسون، ويفحصون، ويمحصون، و…
وييأسون أيضاً..
فالأمر لم يكن أبداً بالسهولة، التى أوحى بها الأمر منذ البداية..
فلا أحد منهم كان يعمل من أين يبدأ الترجمة!!.. أمن اليمين، أم اليسار، أم من أعلى، أو أسفل..
ولسنوات وسنوات، وعلى الرغم من كل ما بذله العلماء من جهد، فقد فشلت كل محاولاتهم لترجمة اللغة الهيروغليفية، وكشف أسرارها..
حتى جاء (شامبليون)..
كان (جان فرانسوا شامبليون) من العلماء الشبان، الذين عشقوا الحضارة الفرعونية، منذ نعومة أظافرهم، والذين جذبهم بشدة (حجر رشيد)، وكل ما يمكن أن يمنحه من كشوف هائلة، لذا فقد اتخذ قراراً جريئاً، بأن يتفرغ تماماً لمهمة فحصه، وترجمته، وكشف أسرار اللغة الهيروغليفية، التى ستساعد العالم كله على الإطلال من نافذة هائلة، على حضارة تعد الأعظم، بين كل الحضارات، التى شهدها العالم القديم..
ولقد بدأ (شامبليون) مهمته، وهو فى الحادية والعشرين من عمره، وتفرغ لها تماماً، وراح يوصل الليل بالنهار، بحثاً عن طرف خيط، يمكن أن يقوده إلى حل اللغز..
ثم، وعلى خلاف الآخرين، لاحظ (شامبليون) أن عدد أسماء الملوك، فى النصين اليونانى والديموطيقى، يتطابق تماماً مع عدد الخراطيش، فى النص الهيروغليفى، لذا فقد استنتج من هذا أن الخراطيش تحوى داخلها أسماء الملوك..
ومن هنا، انطلق (شامبليون)..
وبحسبة بسيطة، حدَّد أسماء الملوك، فى النص الهيروغليفى، وترجمها، وسجل حروفها، وانطلق منها إلى باقى النص..
وبعد إحدى عشر عاماً، وفى عام 1916م، توصل (شامبليون) إلى أعظم كشوف الزمان، فى علم الآثار والتاريخ القديم، وحل رموز اللغة الهيروغليفية..
وفتح أنظار العالم كله على الفراعنة..
وعلى دنيا الفراعنة..
وفى ليلة وضحاها، أصبح (شامبليون) أعظم علماء عصره، وهو بعد فى الثانية والثلاثين من عمره، وأحاطت به الشهرة من كل جانب، وتحوَّل إلى أشهر خبير فى لغة الفراعنة، و…
وفجأة، تفجَّرت فى وجهه اللعنة..
فعلى حين غرة، ودون أسباب واضحة، أصيب (شامبليون) بشلل رباعى، وحمى غامضة، وراح يهذى ويرتجف، ثم لم يلبث أن قضى نحبه، تاركاً خلفه من يروى هلاوسه الأخيرة..
وبالمصادفة، كانت كلها عن الفراعنة.. وانتقام الفراعنة..
كان هذا عام 1932م، كما يروى لنا ذلك الكتاب، الذى تحدَّث عن تاريخ لعنة الفراعنة، السابق لاكتشاف مقبرة (توت غنخ آمون).
ولا يكتفى الكتاب بربط أشهر عالم آثار بتلك اللعنة الوهمية، وإنما يسبح معنا إلى ما هو أبعد من هذا..
إلى (تيودور بلهارز)، أستاذ علم التشريح المرضى، ومكتشف أشهر مرض يصيب المصريين، منذ أيام الفراعنة..
البلهارزيا..
ويقول الكتاب أن (تيودور بلهارز) قد قضى شطراً طويلاً، فى حياته القصيرة، يطارد تلك الدودة القاتلة، التى تخترق أجساد المصريين، وتستقر فى أكبادهم، وتدمرهم تدميراً بطيئاً منتظماً، وتسلبهم نشاطهم وحيويتهم..
ثم حياتهم فيما بعد..
وبعد تلك السنوات، خطرت فى ذهن (بلهارز) فكرة عجيبة..
ترى متى بدأت (البلهارزيا) فى حربها مع المصريين؟!..
وفى سبيل إجابة السؤال، لجأ (بلهارز) إلى أمر لم يخطر ببال سواه قط، إذ انتقل بأبحاثه من الموتى المصابين بالمرض، إلى مومياوات الفراعنة القدامى، وبالذات تلك الخاصة بالعمال والمزارعين، الذين تدفعهم ظروف عملهم للخوض فى مياه النيل طوال الوقت..
أيامها، لم يكن للآثار قيمتها الحالية، ولم تكن هناك تشريعات قوية، لحمايتها والحفاظ عليها، لذا كان من الممكن أن يبتاع (بلهارز) بعض المومياوات، التى يتم العثور عليها فى الجنوب، أثناء أعمال الحفر والبناء، وأن يجرى عليها تجاربه..
وكان هذا يعنى بالطبع نبش قبور القدامى، واستخراج مومياواتهم، بل وتشريحها والتمثيل بها أيضاً..
ولقد نجحت تجارب (تيودور بلهارز) إلى حد كبير، إذ أثبت بالفعل أن المصريين القدامى أصابتهم (البلهارزيا)، منذ آلاف السنين، بل وعثر على بعض الديدان المحنطة داخلهم بالفعل..
ولكن فجأة، وقبل أن يسجل (بلهارز) تجاربه رسمياً وعلمياً، أصابته حمى مجهولة..
حمى لا تشبه التيفوئيد، أو أية حمى معروفة أخرى..
ومع الحمى، التى لم يتم تشخيصها أو علاجها بالطبع، راح (بلهارز) يهذى، ويصرخ ويهذى وتراوده هلاوس عجيبة، حول المومياوات، التى قام بتشريحها، والتى بدت له وكأنها قد عادت إلى الحياة، لتنتقم من ذلك الذى أقلق راحتها، ومثَّل بها، و…
ومات (تيودور بلهارز)، عام 1862م، وهو بعد فى السابعة والثلاثين من عمره، بتلك الحمى المجهولة، التى لم يتم تشخيص أعراضها، حتى يومنا هذا..
وفى هذه المرحلة، لا يحاول الكتاب وضع تفسيرات علمية أو منطقية، لما أصاب (شامبليون) أو (بلهارز)، ربما لأنه شغف بمحاولة تأكيد فكرة لعنة الفراعنة، بأكثر مما اهتم بتفسيرها..
ولكن هذا كان دأب الجميع، فى تلك المرحلة الزمنية، خاصة وأن الفكرة نفسها بدت جذابة ومثيرة، خاصة وهى ترتبط بعالم الأسرار والأساطير، وحمى السحر والتنجيم والغموض..
ودون أية دلائل علمية أو تاريخية، أعقبت ذلك الكتاب عدة كتب أخرى، تنسب موت عشرات المشاهير إلى لعنة الفراعنة، التى صارت صرعة النصف الأول من القرن العشرين..
حتى (يوليوس قيصر) نفسه، ادعوا أن لعنة الفراعنة قد طاردته، وأصابت عقله بحمى جنونية، دفعته إلى تلك الأفعال الديكتاتورية، التى انتهت بمقتله واغتياله، على يد مجموعة من المقربين له، وعلى رأسهم ربيبه (بروتس)..
وأصيب الناس بالضجر والملل، من هذه الكتب السخيفة، وقرَّروا تجاهلها فجأة، فانخفضت مبيعاتها إلى حد كبير، وبدا وكأن لعبة لعنة الفراعنة هذه قد بلغت نهايتها، و..
وفجأة، ظهر كتاب جديد فى الأسواق..
كتاب قلب كل الموازين، رأساً على عقب..
وبمنتهى العنف.
يتبع ,,,
وكما يحدث أيضاً، انقسم المتابعون، بين مؤيد ومعارض للفكرة..
المؤيدون أكَّدوا أن الفراعنة عاشوا عالماً عجيباً غريباً، ترك لنا الكثير من الغوامض والأسرار، التى لم يمكننا كشفها بعد، فليس من المستبعد إذن أن يخلفوا وراءهم لعنة ما، تصيب كل من يدنس قبورهم، حتى ولو كان هذا بحجة تحقيق كشوف أثرية جديدة..
والمعارضون أصروا على أنه لا توجد ركيزة علمية واحدة، يمكن أن تؤيد الفكرة، وأنه من السخافة أن يتردَّد أمر كهذا، لمجرَّد أن ممول حملة (هوارد كارتر) قد لقى مصرعه بحمى غير معروفة..
وبين هؤلاء وهؤلاء، وقف (هوارد كارتر) نفسه، يعلن فى كل المجتمعات، وكل المحافل العلمية، أنه لم ولن يؤمن أبداً بما يسمونه لعنة الفراعنة؛ لأنه مستكشف قديم، واجه الأمر عشرات المرات، دون أن يصيبه مكروه واحد..
والمدهش أن هذا لم يقنع أحداً، خاصة وأن حالات الوفيات، والموت بأسباب غير معروفة، راحت تنتشر على نحو ملفت للأنظار، بين كل من كانت له علاقة مباشرة، أو غير مباشرة، بكشف مقبرة (توت غنخ آمون)..
وعندما هل عام 1929م، كان عدد من وافتهم المنية منهم، لأسباب غير واضحة، اثنين وعشرين رجلاً..
وفى العام نفسه، وفى جلسة خاصة، أعلنت زوجة (كارنرفون) أنها أيضاً لا تؤمن بلعنة الفراعنة، ولا تصدق أن الموتى يمكنهم قتل الأحياء، بأية وسيلة كانت..
وكان من الممكن أن ينهى تصريحها هذا القضية ويحسمها، لولا تطوّر مفاجئ، لم يكن فى الحسبان أبداً..
فقبل أن يكتمل الأسبوع، أصيبت زوجة كارنرفون) بالحمى الغامضة نفسها، التى أصيب بها زوجها؛ وراحت تهذى وتصرخ ليومين تقريباً، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة على فراشها، تاركة خلفها أكبر موجة من الرعب، عرفها التاريخ الحديث، حتى تلك الفترة..
رعب لعنة الفراعنة..
ولفترة طويلة، لم يعد هناك حديث للصحافة ووسائل الإعلام، سوى عن الفراعنة.. ولعنة الفراعنة..
وظهرت فى الأسواق كتب، ودراسات، وروايات، وحتى أفلام سينمائية صامتة، تدور كلها حول لعنة الفراعنة..
ومن بين تلك الكتب، ظهر كتاب يحمل للمهتمين بالأمر مفاجأة مثيرة للغاية..
مفاجأة تقول :
إن لعنة الفراعنة لم تبدأ مع فتح مقبرة (توت غنخ آمون)
بل كانت هناك قبل هذا بقرن من الزمان على الأقل..
ولقد ارتبطت فعلياً باثنين من مشاهير العلم..
أو ربما أشهرهم..
على الإطلاق
***
ذات صباح دافئ، من شتاء عام 1799م، وبمصادفة رتبها القدر حتماً، وأثناء الحملة الفرنسية على (مصر)، عثر جندى فرنسى على حجر فى مدينة (رشيد) المصرية، يعتبره علماء الآثار، فى يومنا هذا، أعظم كشوف القرن على الإطلاق..
فذلك الحجر، الذى أطلقوا عليه اسم (حجر رشيد)، والذى هو من مادة البازلت، كان يحوى كتابات بثلاث لغات.. اليونانية القديمة، والقبطية أو الديموطيقية، والهيروغليفية..
وتعود الأهمية الأثرية البالغة لهذا الحجر، إلى أنه حتى كشفه، كانت الهيروغليفية، بالنسبة للعالم كله، مجرد نقوش منظمة، يسعى العلماء لاستنتاج أو استنباط ما تعنيه، دون أن يتمكنوا من حل رموزها، أو تحديد منطوقها، بأى حال من الأحوال.. وعندما تم كشف (حجر رشيد)، وجد الأثريون أن الكتابة اليونانية، هى ترجمة أمينة ودقيقة للكتابة الديموطيقية، الموجودة على وجه آخر منه..
وكان هذا يعنى، من باب المنطق، أن الكتابة الهيروغليفية، هى أيضاً ترجمة أمينة ودقيقة للنص نفسه..
وعلى الرغم من أن وسائل الاتصال كانت ضعيفة للغاية، فى ذلك الزمن، مقارنة لما أصبحت عليه، بعد قرن واحد من الزمان، وليس فى عصرنا الحالى بالطبع، والذى حدث فيه تطور مدهش، فى نظم ووسائل الاتصال، فى الفترة بين مقدمة المقال، وهذه السطور، فقد طار الخبر إلى (أوروبا) كلها، فانتعش علماءها، والتهب حماسهم، والتهبت عقولهم، وهم يجدون أمامهم فرصة نادرة، لكشف أسرار وغوامض اللغة الهيروغليفية، مع كل ما قد يحمله هذا من كشف لتاريخ (مصر) القديمة، وفراعنتها، وعلومها، وأسرارها الخفية، التى لم يصل العلم الحديث، إلى بعضها، حتى لحظتنا هذه..
ولأن (نابليون بونابرت)، الذى كانت حملته تحتل (مصر)، فى ذلك الحين، كان مغرماً بالعلم والعلوم، ويرغب دوماً فى أن يرتبط عصره بالكشوف العظيمة، فى كل المجالات، فقد سارع بنقل الحجر إلى (باريس)، حتى تتم دراسته، على أيدى الخبراء هناك..
وبكل شغف ولهفة الدنيا، أقبل العلماء على فحص الحجر، وتدوين ما عليه من كتابات ونقوش، ثم راحوا يدرسون، ويفحصون، ويمحصون، و…
وييأسون أيضاً..
فالأمر لم يكن أبداً بالسهولة، التى أوحى بها الأمر منذ البداية..
فلا أحد منهم كان يعمل من أين يبدأ الترجمة!!.. أمن اليمين، أم اليسار، أم من أعلى، أو أسفل..
ولسنوات وسنوات، وعلى الرغم من كل ما بذله العلماء من جهد، فقد فشلت كل محاولاتهم لترجمة اللغة الهيروغليفية، وكشف أسرارها..
حتى جاء (شامبليون)..
كان (جان فرانسوا شامبليون) من العلماء الشبان، الذين عشقوا الحضارة الفرعونية، منذ نعومة أظافرهم، والذين جذبهم بشدة (حجر رشيد)، وكل ما يمكن أن يمنحه من كشوف هائلة، لذا فقد اتخذ قراراً جريئاً، بأن يتفرغ تماماً لمهمة فحصه، وترجمته، وكشف أسرار اللغة الهيروغليفية، التى ستساعد العالم كله على الإطلال من نافذة هائلة، على حضارة تعد الأعظم، بين كل الحضارات، التى شهدها العالم القديم..
ولقد بدأ (شامبليون) مهمته، وهو فى الحادية والعشرين من عمره، وتفرغ لها تماماً، وراح يوصل الليل بالنهار، بحثاً عن طرف خيط، يمكن أن يقوده إلى حل اللغز..
ثم، وعلى خلاف الآخرين، لاحظ (شامبليون) أن عدد أسماء الملوك، فى النصين اليونانى والديموطيقى، يتطابق تماماً مع عدد الخراطيش، فى النص الهيروغليفى، لذا فقد استنتج من هذا أن الخراطيش تحوى داخلها أسماء الملوك..
ومن هنا، انطلق (شامبليون)..
وبحسبة بسيطة، حدَّد أسماء الملوك، فى النص الهيروغليفى، وترجمها، وسجل حروفها، وانطلق منها إلى باقى النص..
وبعد إحدى عشر عاماً، وفى عام 1916م، توصل (شامبليون) إلى أعظم كشوف الزمان، فى علم الآثار والتاريخ القديم، وحل رموز اللغة الهيروغليفية..
وفتح أنظار العالم كله على الفراعنة..
وعلى دنيا الفراعنة..
وفى ليلة وضحاها، أصبح (شامبليون) أعظم علماء عصره، وهو بعد فى الثانية والثلاثين من عمره، وأحاطت به الشهرة من كل جانب، وتحوَّل إلى أشهر خبير فى لغة الفراعنة، و…
وفجأة، تفجَّرت فى وجهه اللعنة..
فعلى حين غرة، ودون أسباب واضحة، أصيب (شامبليون) بشلل رباعى، وحمى غامضة، وراح يهذى ويرتجف، ثم لم يلبث أن قضى نحبه، تاركاً خلفه من يروى هلاوسه الأخيرة..
وبالمصادفة، كانت كلها عن الفراعنة.. وانتقام الفراعنة..
كان هذا عام 1932م، كما يروى لنا ذلك الكتاب، الذى تحدَّث عن تاريخ لعنة الفراعنة، السابق لاكتشاف مقبرة (توت غنخ آمون).
ولا يكتفى الكتاب بربط أشهر عالم آثار بتلك اللعنة الوهمية، وإنما يسبح معنا إلى ما هو أبعد من هذا..
إلى (تيودور بلهارز)، أستاذ علم التشريح المرضى، ومكتشف أشهر مرض يصيب المصريين، منذ أيام الفراعنة..
البلهارزيا..
ويقول الكتاب أن (تيودور بلهارز) قد قضى شطراً طويلاً، فى حياته القصيرة، يطارد تلك الدودة القاتلة، التى تخترق أجساد المصريين، وتستقر فى أكبادهم، وتدمرهم تدميراً بطيئاً منتظماً، وتسلبهم نشاطهم وحيويتهم..
ثم حياتهم فيما بعد..
وبعد تلك السنوات، خطرت فى ذهن (بلهارز) فكرة عجيبة..
ترى متى بدأت (البلهارزيا) فى حربها مع المصريين؟!..
وفى سبيل إجابة السؤال، لجأ (بلهارز) إلى أمر لم يخطر ببال سواه قط، إذ انتقل بأبحاثه من الموتى المصابين بالمرض، إلى مومياوات الفراعنة القدامى، وبالذات تلك الخاصة بالعمال والمزارعين، الذين تدفعهم ظروف عملهم للخوض فى مياه النيل طوال الوقت..
أيامها، لم يكن للآثار قيمتها الحالية، ولم تكن هناك تشريعات قوية، لحمايتها والحفاظ عليها، لذا كان من الممكن أن يبتاع (بلهارز) بعض المومياوات، التى يتم العثور عليها فى الجنوب، أثناء أعمال الحفر والبناء، وأن يجرى عليها تجاربه..
وكان هذا يعنى بالطبع نبش قبور القدامى، واستخراج مومياواتهم، بل وتشريحها والتمثيل بها أيضاً..
ولقد نجحت تجارب (تيودور بلهارز) إلى حد كبير، إذ أثبت بالفعل أن المصريين القدامى أصابتهم (البلهارزيا)، منذ آلاف السنين، بل وعثر على بعض الديدان المحنطة داخلهم بالفعل..
ولكن فجأة، وقبل أن يسجل (بلهارز) تجاربه رسمياً وعلمياً، أصابته حمى مجهولة..
حمى لا تشبه التيفوئيد، أو أية حمى معروفة أخرى..
ومع الحمى، التى لم يتم تشخيصها أو علاجها بالطبع، راح (بلهارز) يهذى، ويصرخ ويهذى وتراوده هلاوس عجيبة، حول المومياوات، التى قام بتشريحها، والتى بدت له وكأنها قد عادت إلى الحياة، لتنتقم من ذلك الذى أقلق راحتها، ومثَّل بها، و…
ومات (تيودور بلهارز)، عام 1862م، وهو بعد فى السابعة والثلاثين من عمره، بتلك الحمى المجهولة، التى لم يتم تشخيص أعراضها، حتى يومنا هذا..
وفى هذه المرحلة، لا يحاول الكتاب وضع تفسيرات علمية أو منطقية، لما أصاب (شامبليون) أو (بلهارز)، ربما لأنه شغف بمحاولة تأكيد فكرة لعنة الفراعنة، بأكثر مما اهتم بتفسيرها..
ولكن هذا كان دأب الجميع، فى تلك المرحلة الزمنية، خاصة وأن الفكرة نفسها بدت جذابة ومثيرة، خاصة وهى ترتبط بعالم الأسرار والأساطير، وحمى السحر والتنجيم والغموض..
ودون أية دلائل علمية أو تاريخية، أعقبت ذلك الكتاب عدة كتب أخرى، تنسب موت عشرات المشاهير إلى لعنة الفراعنة، التى صارت صرعة النصف الأول من القرن العشرين..
حتى (يوليوس قيصر) نفسه، ادعوا أن لعنة الفراعنة قد طاردته، وأصابت عقله بحمى جنونية، دفعته إلى تلك الأفعال الديكتاتورية، التى انتهت بمقتله واغتياله، على يد مجموعة من المقربين له، وعلى رأسهم ربيبه (بروتس)..
وأصيب الناس بالضجر والملل، من هذه الكتب السخيفة، وقرَّروا تجاهلها فجأة، فانخفضت مبيعاتها إلى حد كبير، وبدا وكأن لعبة لعنة الفراعنة هذه قد بلغت نهايتها، و..
وفجأة، ظهر كتاب جديد فى الأسواق..
كتاب قلب كل الموازين، رأساً على عقب..
وبمنتهى العنف.
يتبع ,,,
by : Ahmed Kaspr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق